فصل: تفسير الآية رقم (76):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (72):

{فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}
{فَأَنجَيْنَاهُ} {بِآيَاتِنَا}
(72)- فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُ اللهِ سَاقَ اللهُ إِلَى عَادٍ السَّحَابَ الذِي يَحْمِلُ إِلَيْهِم العَذَابَ، وَأَنْجَى رَسُولَهُ هُوداً وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَلُطْفٍ، وَدَمَّرَ الكَافِرِينَ جَمِيعاً، مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلى آخِرِهِمْ، لَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُؤمِنِينَ بِرَبِّهِمْ الوَاحِدِ الأَحَدِ.
قَطَعْنَا دَابِرِ القَوْمِ- أَهْلَكْنَا آخرَهُمْ، وَمَتَى هَلَكَ الآخِرُ فَقَدْ هَلَكَ الأَوَّلُ.

.تفسير الآية رقم (73):

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
{صَالِحاً} {يَاقَوْمِ} {آيَةً}
(73)- كَانَتْ دِيَارُ قَبِيلَةِ ثَمُودَ فِي أَرْضِ الحِجَازِ، فِي مَدَائِنِ صَالِحٍ، بَيْنَ تَبُوكَ وَالمَدِينَةِ. وَلَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ صَالِحاً، عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ مِنْهُمْ (أَخَاهُمْ)، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَهُ جَمِيعُ الرُّسُلِ لأَقْوَامِهِمْ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَقَدْ جِئْتُكُمْ بِبُرْهَانٍ مِنَ اللهِ عَلَى صِدْقِ قَوْلِي لَكُمْ إِنَّنِي رَسُولُ اللهِ، وَعَلَى صِحَّةِ دَعْوَتِي، فَقَدْ طَلَبْتُمْ مِنِّي بُرْهَاناً عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِي، أنْ يُخْرِجَ اللهُ لَكُمْ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ عَيَّنْتُمُوهَا لِي بِذَاتِهَا، نَاقَةً عُشَرَاءَ فَدَعَوْتُ اللهَ فَاسْتَجَابَ لِي، وَأَخْرَجَ لَكُمُ النَّاقَةَ، وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ كَيْفَ تَخْرُجُ، وَقَدْ أَخَذْتُ عَلَيكُمُ العُهُودَ وَالمَوَاثِيقَ لَتُؤْمِنُنَّ بِاللهِ إِنْ حَقَّقَ اللهُ عَلَى يَدَيَّ مَا سَأَلْتُمْ، فَآمِنُوا بِاللهِ كَمَا وَعَدْتُمُونِي، وَذَرُوا النَّاقَةَ تَسْرَحُ فِي أَرْضِ اللهِ، وَتَأْكُلُ مِنْ رِزْقِهِ، وَلا تَتَعَرَّضُوا لَهَا بِسُوءٍ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي أَكْلِها، وَأَنَا أُحَذِّرُكُمْ بِأَنَّكُمْ إِذَا اعْتَدَيْتُمْ عَلَيْهَا، وَمَسَسْتُمُوهَا بِسُوءٍ، فَإِنَّ اللهَ سَيُصِيبَكُمْ بِعَذَابٍ شَدِيد الإِيلامِ (وَكَانَتِ النَّاقَةُ تَسْرَحُ فِي الأَرْضِ، وَتَشْرَبُ مَاءَ البِئْرِ يَوْماً وَتَتْركُهُ لقومِ ثَمُودَ يَوْماً).
آيَةً- مُعْجِزَةً دَالَّةً عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ.

.تفسير الآية رقم (74):

{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)}
{آلآءَ}
(74)- وَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ اسْتَخْلَفَكُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ عَادٍ، وَمَكَّنَكُمْ فِي الأَرْضِ، تَبْنُونَ القُصُورَ فِي سُهُولِهَا، وَتَنْحِتُونَ البُيُوتَ فِي جِبَالِها، فَاشْكُرُوا اللهَ عَلَى أَنْعُمِهِ وَأَفْضَالِهِ وَذلِكَ بِتَوْحِيدِهِ، وَإِفْرَادِهِ بِالعِبَادَةِ، وَلا تَتَصَرَّفُوا فِي الأَرْضِ تَصَرُّفَ كُفْرانٍ وَجُحُودٍ بِفِعْلٍ لا يُرْضِي اللهَ.
العَيْثُ وَالعُثِيُّ- هُوَ الفَسَادُ.
بَوَّأَكُمْ- أَنْزَلَكُمْ وَأَسْكَنَكُمْ.

.تفسير الآية رقم (75):

{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)}
{آمَنَ} {صَالِحاً}
(75)- وَقَالَ رُؤُوسُ الكُفْرِ، مُتَهَكِّمِينَ سَاخِرِينَ، لِلْضُعَفَاءِ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى صَالِحٍ: أَتَظُنُّونَ أَنْ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ حَقِيقَةً؟ فَرَدَّ المُؤْمِنُونَ المُسْتَضْعَفُونَ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ مِنْ رَبِّهِمْ.

.تفسير الآية رقم (76):

{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)}
{آمَنتُمْ} {كَافِرُونَ}
(76)- فَرَدَّ المُسْتَكْبِرُونَ عَلَى المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ كَافِرُونَ جَاحِدُونَ بِالذَي آمَنَ بِهِ المُسْتَضْعَفُونَ، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ مِنْ رَبِّهِ.

.تفسير الآية رقم (77):

{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)}
{يَاصَالِحُ}
(77)- فَقَامَ تِسْعَةُ رَهْطٍ (أَفْرادٍ) مِنْ كُبَرَاءِ ثَمُودَ، بِاسْتِمَالَةِ قَوْمِهِمْ لِمُوافَقَتِهِمْ عَلَى نَحْرِ النَّاقَةِ (عَقْرِهَا)، وَالتَّخَلُّصِ مِنْهَا، فَعَقَرُوهَا اسْتِخْفَافاً بِصَالِحٍ، وَنَاقَتَهِ، وَتَحْذِيرِهِ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَعِقَابِهِ، وَتَمَرَّدُوا وَتَجَبَّرُوا عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ الذِي أَبْلَغَهُمْ إِيَّاهُ صَالِحُ (عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ)، وَقَالُوا لِصَالِحٍ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً بِأَنَّكَ مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّكَ، وَأَنَّكَ تُنْذِرُنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَأْتِنَا بِهَذَا العَذَابِ.
العُتُوِّ- التَّمَرُّدُ وَالاسْتِكْبَارُ.
العَقْرُ- القَتْلُ وَالذَّبْحُ.

.تفسير الآية رقم (78):

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)}
{جَاثِمِينَ}
(78)- فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: لَقَدْ حَقَّ عَلَيْكُمْ غَضَبُ اللهِ، فَتَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَأْتِيكُمْ بَعْدَهَا عَذَابُ اللهِ، فَأَرَادَ المُجْرِمُونَ قَتْلَ صَالِحٍ، وَقَالُوا: إنْ كَان صَادِقاً نَكُنْ قَدْ عَجَّلْنَا بِهِ قَبْلَنَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِباً نَكُنْ قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ، وَتَآمَرُوا عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ وَيَقُولُوا لأَهْلِهِ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا مَصْرَعَهُ، وَيَحْلِفُوا عَلَى ذَلِكَ، لِدَفْعِ المَسْؤُولِيَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا تَوَجَّهُوا إِلَيهِ لَيْلاً أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً أَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعاً، وَذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ العَذَابِ بِقَوْمِهِمْ.
وَفِي اليَوْمِ الرَّابِعِ اسْتَعَدُّوا لِلْهَلاكِ، وَجَلَسُوا فِي بُيُوتِهِمْ لا يَدْرُونَ مَا يَكُونُ هذا العَذَابُ، وَلا مَتَى يَأْتِيهِمْ. فَلَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ جَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَرَجْفَةٌ فِي الأَرْضِ فَفَاضَتْ أَرْوَاحُهُمْ، وَزَهَقَتْ نُفُوسُهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَصْبَحُوا صَرْعَى فِي دِيَارِهِمْ لا أَرْواحَ فِيهِم، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، لا صَغِيرٌ وَلا كَبِيرٌ. وَنَجَى اللهُ صَالِحاً وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ.
الرَّجْفَةُ- الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ التِي تَهْتَزُّ بِهَا الأَرْضُ وَهِيَ الصَّيْحَةُ أَيْضاً.
جَاثِمِينَ- مَوْتَى هَامِدِينَ، لا حَرَاكَ بِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (79):

{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}
{يَاقَوْمِ} {الناصحين}
(79)- فَقَالَ صَالِحُ، بَعْدَ أَنْ هَلَكَ قَوْمُهُ، تَقْريعاً لَهُمْ وَتَوْبِيخاً: لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَلَمْ تَسْتَمِعُوا إِليَّ، وَلَمْ تَتَّبِعُونِي، لأنَّكُمْ لا تُحِبُّونَ مَنْ يَنْصَحُكُمْ، وَيَدْعُوكُم إلى الحَقِّ وَالخَيْرِ.
(وَقِيلَ: إِنَّ صَالِحاً قَالَ لِقَوْمِهِ هذَا القَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمُ العَذَابُ).

.تفسير الآية رقم (80):

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)}
(80)- وَاذْكُرْ لُوطاً إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إلَى قَوْمِهِ لِيَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَإِلَى تَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ارْتِكَابِ الفَوَاحِشِ التِي لَمْ يَسْبِقْهُم، إلى الإِتْيَانِ بِهَا، أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَبْلَهُمْ، لِمُخَالَفَتِهَا لِمُقْتَضَيَاتِ الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ.

.تفسير الآية رقم (81):

{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}
(81)- فَقَالَ لَهُمْ: لَقَدْ عَدَلْتُمْ عَنِ الاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ، الذِي جَعَلَهُ اللهُ وَسِيلَةً لاسْتِمْرَارِ النَّسْلِ، وَحِفْظِ النَّوْعِ، إلَى الاسْتِمْتَاعِ بِالذُّكُورِ لا تَبْتَغُونَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ إلا قَضَاءَ الوَطَرِ وَالشَّهْوَةِ، وَالمُتْعَةِ الآثِمَةِ، وَهَذا إِسْرَافٌ مِنْكُمْ وَجَهْلٌ، وَتَجَاوُزٌ لِلْحُدُودِ، لأنَّهُ وَضْعٌ لِلشَّيءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الطَّبِيعِيِّ.

.تفسير الآية رقم (82):

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)}
(82)- وَكَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ عَلَى هذِهِ الدَّعْوَةِ أَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، سَاخِرِينَ مُتَهَكِّمِينَ عَلى طَهَارَةِ لُوطٍ وَالمُؤْمِنِينَ مَعَهُ: أَخْرِجُوا لُوطاً وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ مِنْ بَلْدَتِكُمْ، لأنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ وَيَتَعَفَّفُونَ، وَيَرْفُضُونَ مُجَارَاتِكُمْ فِي ارْتِكَابِ الفَوَاحِشِ، وِإِتْيَانِ الرِّجَالِ. فَكَانَ إِخْرَاجَ لُوطٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ القَرْيَةِ، تَنْفِيذاً لإِرَادَةِ اللهِ، لأنَّهُ تَعَالَى دَمَّرَ قَوْمَ لُوطٍ، وَأَهْلَكَهُمْ بَعْدَ خُرُوجِ لُوطٍ وُالمُؤْمِنِينَ.
يَتَطَهَّرُونَ- يَدَّعُونَ الطَّهَارَةَ مِمَّا نَفْعَلُ.

.تفسير الآية رقم (83):

{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)}
(83)- لَمْ يُؤْمِنْ لِلُوطٍ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ سِوَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَمْ تُؤْمِنِ امْرَأَتُهُ، فَدَمَّرَها اللهُ مَعَ قَوْمِهَا. فَقَدْ أَمَرَ اللهُ لُوطاً بِأَنْ يُسْرِيَ بأَهْلِهِ لَيْلاً دوُنَ أَنْ تَعْلَمَ زَوْجَتِهِ بِخُرُوجِهِمْ، فَبَقِيَتْ مَعَ البَاقِينَ فَكَانَتْ مِنَ الهَالِكِينَ.
الغَابِرِينَ- البَاقِينَ فِي القَرْيَةِ، وَالهَالِكِينَ مَعَ مَنْ هَلَكَ.
غَبرَ- بَقِيَ أَوْ هَلَكَ.

.تفسير الآية رقم (84):

{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}
(84)- وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ أَنْزَلَ مَطَراً عَلَى قُرَى قَوْمِ لُوطٍ فَدَمَّرَهَا وَأَهْلَكَهَا. وَيَلْفِتُ تَعَالَى نَظَرَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إلَى عَاقِبَةِ مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ.
وَجَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى تَفْسيرٌ لِهَذَا المَطَرِ فَقَالَ تَعَالَى {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ* مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ.} وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتَّرْمَذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَيَشْمُلُ التَّحْرِيمُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي الأَدْبَارِ.

.تفسير الآية رقم (85):

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)}
{يَاقَوْمِ} {إِصْلاحِهَا}
(85)- مَدْيَنَ كَلِمَةٌ تُطْلَقُ عََلَى القَوْمِ وَعَلَى القَرْيَةِ، وَمَدْيَنُ قَرْيَةٌ تَقَعُ فِي جَنُوبِيِّ الأَرْدُنِّ قُرْبَ العَقَبَةِ، وَهُمْ أَيْضاً أَصْحَابُ الأَيْكَةِ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، وَيَرْتَكِبُونَ المَعَاصِي، وَأَظْهَرَهَا بَخْسُ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ، وَالتَّعَرُّضِ لِعَابِرِي السَّبِيلِ، لِسَلْبِهِمْ وَالاعْتِدَاءِ عَلَيهِمْ.
وَلَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ شُعَيباً عَلَيْهِ السَّلاًمُ، لِيَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَتَوْحِيدِهِ، وَتَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَعِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَالإِقْلاعِ عَنْ تَطْفِيفِ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ، وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلسَّابِلَةِ بِالإِخَافَةِ وَالسَّلْبِ.. فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: يَا قَوْم اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلهٌ غَيْرُهُ، وَقَدْ أَقَامَ لَكُمُ الحُجَجَ وَالبَرَاهِينَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ، ثُمَّ نَصَحَهُمْ بِمُعَامَلَةِ النَّاسِ بِالعَدْلِ، وَبِإِيفَاءِ النَّاسِ، حُقُوقَهُمْ فِي الكَيْلِ وَالمِيزَانِ، وَبِأَلا يَخُونُوا النَّاسَ، وَلا يُخْسِرُوا المِيزَانَ، وَلا يَبْخَسُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ (أَشْيَاءَهُمْ)، وَأَنْ يَتْرُكُوا إِخَافَةَ السَّابِلَةِ.
وَقَالَ لَهُمْ إنَّ اتِّبَاعَ أَمْرِ اللهِ فِيهِ الخَيْرُ لَهُمْ، إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِوحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُهُ.
البَخْسُ- إِنْقَاصُ الحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (86):

{وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)}
{صِرَاطٍ} {آمَنَ} {عَاقِبَةُ}
(86)- وَنَهَاهُمْ شُعَيبٌ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ (الصِّرَاطِ)، وَعَنْ تَوَعُّدِ النَّاسِ بِالقَتْلِ وَالإِيذَاءِ إَذَا لَمْ يُعْطُوهُمْ مَا مَعَهُمْ مِنْ مَالٍ وَمَتَاعٍ، كَمَا نَهَاهُمْ عَنِ التَّعَدِّي عَلَى المُؤْمِنِينَ الذِينَ اتَّبَعُوا شُعَيباً، وَعَنِ التَّصَدِّي لِلنَّاسِ الذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ إلى شُعَيبٍ لِلاسْتِمَاعِ مِنْهُ إلى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ، لِصَرْفِهِمْ عَنْهُ بِالتَّخْوِيفِ وَالإِيذَاءِ، وَبِالقَوْلِ: عَنْهُ كَذَّابٌ يُرِيدُ فِتْنَةَ النَّاسِ، ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبلاً مِنْ قِلَّةٍ فَكَثَّرَهُمُ اللهُ، وَذِلَّةٍ فَأَعَزَّهُمُ اللهُ، وَذلِكَ لِيَتَّعِظُوا وَيَرْتَدِعُوا عَمَّا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ فَسَادٍ. ثُمَّ لَفَتَ نَظَرَهُمْ إلَى النِّهَايَةِ التِي صَارَ إِلَيْهَا المُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ مِنْ خِزْيٍّ وَدَمَارٍ.
صِرَاطٍ- طَريقٍ.
تَبْغُونَها عِوَجاً- تَطْلُبُونَها مُعْوَجَّةً أَيْ ذَاتَ اعْوِجَاجٍ.